الأربعاء، 24 يناير 2024

شرح إنتاجيّ: (دَعانِي مَن هَوِيتُ، بشّار بن بُرد)، محور 2: (التّجديد في الشّعر..)، 2023-2024

 



v أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي v  شرح إنتاجيّ: دَعانِي مَن هَوِيتُ v

v بشّار بنُ بُرد v معهد المنتزه v الكبّاريّة v 2ث v 2023-2024 v

1- كيفَ وصف بشّارٌ شخصيّةَ الحبيبة؟

اِختزل بشّارٌ محاسنَ الحبيبةِ في جمالِ الخلقة ورفعةِ الأخلاق وعلوِّ المكانة الاجتماعيّة. وركّز بالمقابلِ على توصيفِ شخصيّة الحبيبة مِن حيث طباعُها وسلوكُها وحالاتُها النّفسيّة. فهي شابّةٌ جريئة تبادر بالتّعبيرِ عن مشاعرِها وتُقدِمُ على مراسلةِ حبيبها وتجتهدُ في مجادلةِ أمّها الحازمة حتّى تسمحَ لها بوصال الشّاعر. ثمّ إنّها متمسّكةٌ بهذه العلاقةِ العاطفيّة وتفعلُ المستحيلَ مِن أجل استمرارِها. فحبيبةُ بشّار لم تعدْ تشبهُ الحبيبات الجاهليّات اللاّتي يُـخْفينَ عواطفَهنّ ويتمنّعْنَ عن الوصال ويتعمّدْنَ جعْلَ العاشقِ يلاحقُهنّ ويتعذّبُ في حبِّهنّ.

2- في أيِّ صورةٍ بدا الشّاعرُ العاشق؟

صوّرَ الشّاعرُ نفسَه مُـحِبّا متفانيا يشكو لوعةَ الشّوقِ ويحتجّ على طولِ الفراق. وهو أيضا محبوبٌ تسعى المرأةُ إلى لقائه برغبةٍ وحرصٍ وعناد. ثمّ إنّه غَزِلٌ مبدعٌ ينسجُ قصائدَه الغزليّةَ نسْجا متْقنا يُـمتع الحبيبةَ ويُرضي غرورَها.

3- ما هي وظائفُ الأقوالِ في هذه الغزليّة؟

أضفتِ الأقوالُ على هذه الغزليّةِ الكثيرَ مِن الحيويّة. وقرّبت النّصَّ مِن الواقع الاجتماعيّ في عصر بشّار. وأدّتْ عدّةَ وظائف تنوّعتْ بتنوّعِ السّياق الّذي جاءتْ فيه.

-  فقد عبّر قولُ الحبيبة [إِنِّي ... السُّكَيْتُ] عن حرصِها على لقاءِ الحبيب ورغبتِها في تبرئة ذمّتها أمامَه. إذْ حمّلتْ أسرتَها القاسيةَ الّتي تحاصرُها وتمنعُها مِن مغادرةِ البيت، المسؤوليّةَ على طول الفراق.

-    أمّا قولُ أفرادِ العائلة [يَقُولُونَ: 'اِنْعَمِي'] فقد عبّر عن توفير كلّ مُتعِ الحياة للحبيبة شرطَ ألاَّ تخرجَ مِن البيت. هذا لأنّ الأسرةَ الرّفيعةَ المقام حريصةٌ على حسْنِ السُّمعةِ ونقاءِ العرض.

-   أمّا قولُ الجاريةِ وهي تُغنّي على لسانِ الحبيبة [إِذَا أُمِّي ... رَثَيْتُ] فأدّى وظيفةَ التّعبير عن حزنِ العاشقة شوقا إلى بشّار وعن عتابِها العنيف لأمّها الـمُتحجّرةِ القلب الّتي لا تقدّرُ عذابَ الـمُحبِّين.

4- ماذا نستنتجُ مِن توظيفِ الغناء في هذا النّصِّ الشّعريّ؟

وظّف الشّاعرُ فنَّ الغناء [وَقَدْ قَامَتْ وَلِيدَتُهَا تُغَنِّي.. + تَقُولُ وَدَفُّهَا زَجَلُ النَّوَاحِي..] في سياقٍ غزليّ. وذلك كيْ يجعلَ الحبيبةَ تبعثُ رسالةً غير مباشرةٍ للحبيبِ وللأمِّ دون أنْ تمسكَها الرّقابةُ العائليّة الصّارمة. ثمّ إنّ حضورَ الغناء في النّصِّ يصوّر التّجديدَ الفنّي الّذي حقّقه المجتمعُ العبّاسيّ خلالَ القرن 2ه/8م. فقد تطوّرتْ وقتَها فنونُ الموسيقى والغناء والرّقص، وتفاعلتْ مع الشّعر تلحينا وأداءً. بل إنّ الطّبقةَ الرفيعةَ مِن هذا المجتمع كانتْ تشتري الجارياتِ المغنّيات بأعلى الأثمانِ للاستمتاع بأصواتهنّ في الحفلاتِ العائليّة.

d عمَـــلا موفّـقا c