السبت، 8 نوفمبر 2014

شرح النّصّ: التّمهيدُ للمحور 1: (الشّعر الجاهليّ)، 2014-2015

نسخة كاملة تخصّ شعبةَ الآداب:



أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي شرح النّصّ : تمهيد المحور 1: الشّعرُ الجاهليّ

معهد المنتزه    2ث    2023-2024

1-             تعريفُ الشّعرِ الجاهليّ:

يُنعَتُ بكونه 'جاهِليّا' كلُّ شعر كَتبه العربُ قبل ظهورِ الدّعوة الإسلاميّة في الجزيرة العربيّة [1ه/622م]. فالتّسميةُ تُعيّن الفترةَ الزّمنيّة الّتي فيها نشأتِ النّصوصُ الشّعريّةُ، ولا تتضمّنُ أيَّ توصيفٍ سلبيّ لمحتوى هذا الشّعر.

2-             الأغراضُ الرّئيسةُ في الشّعرِ الجاهليّ:

يُمكن حصرُ الأغراضِ الشّعريّة عند شعراءِ الجاهليّة في أربعة:

١- غَـرضُ الفَــخْرِ: ينقسمُ نوعين:

- الفخرُ الذّاتيّ/الفرديّ: فيه يفخرُ الشّاعرُ بنُبْلِ خصاله وعزّةِ نفسه وشَرفِ نسَبه ومهارتِه الإبداعيّة والحربيّة...

- الفخرُ القَبَلِيّ/الجماعيّ: فيه يفاخِرُ الشّاعرُ بمكارمِ قبيلته (قوْمِه) الّتي تُـميّزها عن غيرها مِن القبائلِ والأقوام: مِن قُوّةٍ قتاليّة ومالٍ موروث ونسبٍ نقيّ وقِيمٍ أخلاقيّة ومِنْعَةٍ ضدّ كلِّ اعتداء...

٢- غَـرضُ المَــدْحِ: يمدحُ الشّاعرُ شخصا آخرَ (أو قبيلةً بأسْرِها) ذا مالٍ أو سلطةٍ أو قرابةٍ دمويّة سارِدا فضائلَه مُهمِلا عيوبَه حتّى يُـخرجَ الـمَمْدُوحَ في أجملِ صورةٍ مُتاحة.

٣- غَـرضُ الهِــجاءِ: يَهْجُو الشّاعرُ خصْما أو عدوّا أو منافِسا (أو قبيلةً مُعادِيةً) عارِضا نقائصَه نافِيا عنه كلَّ فضيلة كيْ يُخرجَ الـمَهْجُوَّ في أقبحِ صورة مُـمكِنة.

٤- غَــرضُ الـرّثاءِ: يَرثِـي الشّاعرُ ميْتًا عزيزا عليه. فيصوّرُ فجيعَتَه فيه مُعدِّدا جميلَ فِعالِه وحميدَ خِصاله ساكِتا عن جميعِ أخطائه وعيوبه حتّى يجعلَ ذاكَ الفَقْدَ حدثا مأساويّا وخسارةً عُظمَى.

3-             المعاني الفرعيّةُ في الشّعر الجاهليّ:

تنوّعتِ المعاني الفرعيّةُ الّتي تناولها الجاهليّون في نصوصِهم ذاتِ الغرض الموحَّد. أهمُّ هذه المعاني:

١- الوَقْـــفةُ الطّـــــلَـليّةُ: الأطلالُ هي الآثارُ الباقية (الرّمادُ، بقايا الطّعام، حَجرُ الأثافِـي، فضلاتُ الحيوانات..) بعد ارتحالِ حبيبة الشّاعر مع قومِها قبل وصولِه، يقفُ عندها العاشقُ الملتاعُ كئيبا شاكِيا متأمّلا في الكون.

٢- النّسِيــــبُ: هو التّغزّلُ بجمال النّساء والتّباهي بِصُحبتهنّ وشكوى العذاب في حُبِّهنّ... ويأتي قسمُ النّسيبِ عادةً بعد الوقفةِ الطّلليّة أو في فاتحةِ القصائد الجاهليّة مـُمهِّدا لما سيأتي بعدَه مِن معانٍ أو أغراض.

٣- الرّحْــــلةُ: يصفُ الشّاعرُ راحِلتَه/مَطِـيَّــتَه (ناقة أو فرس) سارِدا أطوارَ رحلتِه الشّاقّة واصِفا صبْرَه على الـمِحَنِ متأمّلا في تقلُّبِ الدّهر وفي مصيرِ الإنسان الفاني...

٤- الحِكْمةُ: يُكثِرُ الجاهليّون مِن إيرادِ الحِكَمِ العامّة الّتي تَصِحُّ في كلِّ زمان ومكان ضمنَ شتّى الأغراضِ الرّئيسة (خاصّة الرّثاء) والمعاني الفرعيّة (خاصّة الرّحلة والوقفة الطّلَلِيّة). وخصّص الشّاعرُ الجاهليّ 'زُهيْرٌ بنُ أبي سُلْمى' قصائدَ بأسْرِها للمعاني الحِكْميّة حتّى سُـمِّي 'حكيمَ الجاهليّين'.

بنيةُ القصيدة ِالجاهليّةِ

-    القسمُ الأوّلُ: الوقفةُ الطّـــلليّة:

هي معنًى فرعيٌّ ينفتح به النّصُّ، ويُـمهِّد عادةً للنّسيبِ (إنْ وُجِد) ولغرضِ القصيدة أيضا: تَشِـي الوقفةُ بالكثير مِن المعانِي الرّثائيّةِ أو الفخريّة أو المدحيّة أو الهجائيّة.

-    القسمُ الثّاني: النّسيبُ*:

هو معنًى فرعيٌّ، يغيبُ غالبا مِن القصائد الرّثائيّة لأنّ المقامَ تفجُّعِـيٌّ، ويقِلّ عادةً في الهِجائِيّات، ويكثُر في الفَخْرِيّات والـمَدْحِيّات لأنّه يخدمُ القيمَ الفخريّةَ والـمَدْحيّة ويُقوّيها.

-    القسمُ الثّالثُ: الرّحـــــلةُ:

هي معنًى فرعيٌّ يُوحِي بالغرضِ الرّئيسِ ويُـمهِّدُ له:

-      في المدحِ يتحمّلُ المادحُ مشقّةَ الرّحلة ليلاقيَ الممدوحَ ويُسمِعَه شعرَه فيه.

-      في الفخرِ تأتي الرّحلةُ تأكيدًا لخصالِ القوّة والشّجاعة والبَأْس الّتي يَدّعيها المفتخِرُ لنفسه أو لقومه.

-      في الرّثاءِ تكون الرّحلةُ رمزيّةً تأمّليّة تُثبِتُ أنّ الفناءَ حتميٌّ. فلكلِّ شيء نهايةٌ، ونهايةُ الحيِّ أن يموتَ.

-    القسمُ الرّابعُ: غرضُ القصيدة:

يكون فخرا أو مدحا أو هجاء أو رثاء، ويمتدُّ على الكمِّ الأكبر مِن أبيات القصيدة، وتربطه صلاتٌ وثيقةٌ بما سبقَ مِن المعاني. فالقصيدةُ الجاهليّة منسجِمةُ المعاني متكاملةُ الأقسام يَشُدُّ بعضُها أزْرَ بعض.

ملاحـــــــــــــــظة:

سيتطوّرُ قسمُ النّسيب* في العهد الأُمويّ حتّى يصيرَ غرضا مستقلاّ بذاته يُسمَّى 'الغزَلُ'. وستُفْرَدُ له القصائدُ كاملةً ابتداءً مِن: ق1ه/ق7م مع زعيمِ الغَزَل الحضَريّ 'عُمَرَ بْن أبي ربيعة' ورأسِ الغزَلِ البدويّ 'جميلٍ بْن مَعْمَر'.

t عَــمَـــــــــــــلا مُـــــــــوفّـــــــــــقا t


نسخة مختزلة تخصّ الشّعبَ العلميّة المختلفة: