✿❦ أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي ❦✿❦ الفرض التّأليفيّ 2: التّحليل
الأدبيّ ❦✿
✿❦ محور 2: النّادرة، الجاحظ ✿ معهد
المنتزه
❦✿❦ 2 آداب 1 ✿ 2024-2025 ❦✿ |
رَآنِـي أَبُو مُـحَمَّدٍ الـخُزَامِيُّ مَرَّةً فِي تِشْرِينَ الأَوَّلِ [أُكْتُوبَر] وَقَدْ بَكَّرَ البَرْدُ شَيْئًا. فَلَبِسْتُ كِسَاءً لِي قُومَسِيًّا
خَفِيفًا قَدْ نِيلَ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: »مَا أَقْبَحَ السَّرَفَ بِالعَاقِلِ!
وَأَسْـمَجَ الـجَهْلَ
بِالـحَكِيمِ! مَا ظَنَنْتُ أَنَّ إِهْـمَالَ النَّفْسِ وَسُوءَ السِّيَاسَةِ
بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى». قُلْتُ:
»وَأَيَّ
شَيْءٍ أَنْكَرْتَ مِنَّا مُذِ اليَوْمِ؟ وَمَا كَانَ هَذَا قَوْلَكَ فِينَا
بِالأَمْسِ». فَقَالَ:» لُبْسُكَ
هَذَا الكِسَاءَ قَبْلَ أَوَانِهِ». قُلْتُ:
»قَدْ
حَدَثَ مِنَ البَرْدِ بِـمِقْدَارِهِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا البَرْدُ الـحَادِثُ
فِي تَـمُّوزَ [جوِيلِيَة]
وَآب [أُوت]، لَكَانَ إِبَّانًا لِـهَذَا
الكِسَاءِ». قَالَ:» إِنْ
كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَاجْعَلْ بَدَلَ هَذِهِ الـمُبَطَّنَةِ جُبَّةً
مَـحْشُوَّةً. فَإِنَّـهَا تَقُومُ هَذَا الـمَقَامَ. وَتَكُونُ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الـخَطَأِ. فَأَمَّا لُبْسُ الصُّوفِ اليَوْمَ فَهْوَ غَيْرُ جَائِزٍ». قُلْتُ:
»وَلِـمَ؟». قَالَ: »لِأَنَّ غُبَارَ
آخِرِ الصَّيْفِ يَتَدَاخَلُهُ [...].
فَإِذَا أَمْطَرَ النَّاسُ وَنَدِيَ الـهَوَاءُ وَابْتَلَّ كُلُّ شَيْءٍ،
اِبْتَلَّ ذَلِكَ الغُبَارُ. وَإِنَّـمَا الغُبَارُ تُرَابٌ. [...].
وَهْوَ مَالِحٌ. وَيَنْقَبِضُ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الكِسَاءُ. وَيَتَكَرَّشُ لِأَنَّهُ صُوفٌ. فَتَنْضَمُّ
أَجْزَاؤُهُ عَلَيْهِ. فَيَأْكُلُهُ أَكْلَ القَادِحِ.
وَيَعْمَلُ فِيهِ عَمَلَ السُّوسِ. [...]. وَلَكِنْ
أَخِّرْ لُبْسَهُ. حَتَّى إِذَا مُطِرَ النَّاسُ وَسَكَنَ الغُبَارُ وَحَطَّ
الـمَطَرُ مَا كَانَ فِي الـهَوَاءِ مِنَ الغُبَارِ وَغَسَلَهُ وَصَفَّاهُ،
فَالْبَسْهُ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ». وَقُلْتُ لَهُ مَرَّةً: »قَدْ رَضِيتَ بِأَنْ
يُقَالَ: 'عَبْدُ اللهِ بَـخِيلٌ'؟». قَالَ:» لاَ أَعْدَمَنِـي اللهُ هَذَا الاِسْمَ». قُلْتُ: »وَكَيْفَ؟». قَالَ: »لاَ يُقَالُ 'فُلاَنٌ بَـخِيلٌ' إِلاَّ وَهْوَ ذُو مَالٍ. فَسَلِّمْ إِلَـيَّ الـمَالَ،
وَادْعُنِـي بِأَيِّ اسْمٍ شِئْتَ». قُلْتُ: »وَلاَ يُقَالُ أَيْضًا 'فُلاَنٌ سَخِيٌّ' إِلاَّ وَهْوَ ذُو مَالٍ. فَقَدْ جَـمَعَ هَذَا الاِسْمُ
الـحَمْدَ وَالـمَالَ. وَاسْمُ البُخْلِ يَـجْمَعُ الـمَالَ وَالذَّمَ. فَقَدِ
اخْتَرْتَ أَخَسَّهُمَا وَأَوْضَعَهُمَا». قَالَ:
»وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ». قُلْتُ: »فَهَاتِهِ». قَالَ: »فِي قَوْلِـهِمْ 'بَـخِيلٌ' تَثْبِيتٌ لِإِقَامَةِ الـمَالِ فِي مُلْكِهِ. وَفِي قَوْلِـهِمْ 'سَخِيٌّ' إِخْبَارٌ عَنْ خُرُوجِ
الـمَالِ مِنْ مُلْكِهِ. وَاسْمُ 'البَخِيلِ' اسْمٌ فِيهِ حِفْظٌ وَذَمٌّ. وَاسْمُ 'السَّخِيِّ' اسْمٌ فِيهِ تَضْيِيعٌ وَحَـمْدٌ. وَالـمَالُ زَاهِرٌ نَافِعٌ
مُكْرِمٌ لِأَهْلِهِ مُعِزٌّ. وَالـحَمْدُ رِيحٌ وَسُخْرِيَةٌ. وَاسْتِمَاعُكَ
لَهُ ضُعْفٌ وَفُسُولَةٌ. وَمَا
أَقَلَّ غَنَاءَ الـحَمْدِ، وَاللهِ، عَنْهُ إِذَا جَاعَ بَطْنُهُ [...] وَضَاعَ عِيَالُـــهُ وَشَـمَتَ بِهِ مَنْ كَانَ يَـحْسُدُهُ!». .❙. أبو عثمان الجاحظ،
البخلاءُ، دار المعارف، تونس،
1989، صص:
66-70 .❙. ✤ الشّرح المعجميّ: .❙. كِسَاءً: ثَوْبًا .❙. قُومَسِيًّا: نِسْبَةً
إٍلَى إِقْلِيمِ 'قُومَسَ' الوَاقِعِ بَيْنَ خُرَاسَانَ وَفَارِسَ .❙. أَسْـمَجَ: أَقْبَحَ،
أَخْبَثَ، أَسْوَأَ .❙. إِبَّانًا: أَوَانًا،
وَقْتًا، حِينًا .❙. يَتَدَاخَلُهُ: يَنْدَسُّ
فِيهِ، يَـخْتَلِطَ بِهِ .❙.
يَتَكَرَّشُ:
يَتَقَلَّصُ، يَتَقَبَّضُ، يَتَكَمَّشُ .❙. القَادِحِ: الأُكَالِ (الـجَرَبِ) الَّذِي يَقَعُ فِي الشَّجَرِ وَالـخَشَبِ
وَالأَسْنَانِ .❙. أَعْدَمَنِـي:
أَفْقَدَنِـي، أَذْهَبَ عَنِّـي .❙. أَخَسَّ وَأَوْضَعَ: أَحْقَرَ، أَتْفَهَ، أَنَذَلَ، أَلْأَمَ، أَدْنَأَ .❙. فُسُولَةٌ: قِلَّةُ
مُرُوءَةٍ، ضُعْفُ رَأْيٍ .❙. عِيَالٌ: مَن
يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ الـمَرْءُ مِنْ أَبْنَاءٍ وَزَوْجَةٍ .❙. ✤ حلّلْ هذا النّصَ
تحليلاً أدبيًّا مسترسِلاً مُستعينًا بِالأسئِلةِ الموجِّهَةِ التَّالية: - الـجَاحِظُ رَاوٍ شَخْصِيَّةٌ وَصَاحِبُ مَوْقِفٍ
مِـمَّا يَسْرُدُ. بَيِّنْ ذَلِكَ. - مَا هِيَ القَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى الـمَنْطِقِ
العَجِيبِ فِي خِطَابِ الـبَخِيلِ؟ - حَدِّدِ الأَسَالِيبَ
الإِنْشَائِيَّةَ وَالـخَبَرِيَّةَ الـمُعْتَمَدَةَ فِي النَّصِّ مُبَيِّنًا
مَعَانِيَهَا. - كَيْفَ تَـجَلَّتِ السُّخْرِيَةُ مِنْ أَبِي مُـحَمَّدٍ الـخُزَامِيِّ فِي هَذِهِ النَّادِرَةِ؟ ♣✿❖ عمَــــلا موفّــــقا ❖✿♣ |
مدوّنة فروض ودروس للسّنة الثّانية من شعبة الآداب في التّعليم الثّانويّ التّونسيّ.
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
الاثنين، 10 مارس 2025
الفرض التّأليفيّ 2: (التّحليل الأدبيّ)، محور 3: (النّادرة، الجاحظ)، 2024-2025
الفرض العاديّ 2: (المقال الأدبيّ)، محور 2: (التّجديد في الشّعر، أبو نوّاس)، 2024-2025
· أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي · الفرض العاديّ 2: المقال الأدبيّ · 2 آداب · · معهد المنتزه · 2025.2.14 · |
♣ الموضوع: «سَاعَدَتِ
البِيئَةُ العَبَّاسِيَّةُ الـمُتَّسِمَةُ بِالثَّرَاءِ الثَّقَافِـيِّ
وَالتَّنَوُّعِ الاجْتِمَاعِيِّ عَلَى تَـجْدِيدِ الشِّعْرِ فِي ق2ه
تَـجْدِيدًا فِيهِ الكَثِيرُ مِنَ الـجُرْأَةِ الفَنِّيَّةِ وَمِنَ الثَّوْرَةِ
عَلَى القَدِيـمِ». حَلِّلْ
هَذَا القَوْلَ، ثُـمَّ نَاقِشْهُ مُعْتَمِدًا مَا دَرَسْتَ مِنْ أَشْعَارِ
أَبِـي نَوَّاسٍ وَبَشَّارٍ بْنِ بُرْدٍ وَأَبِـي العَتَاهِيَةِ. (مُلاَحَظَةٌ:
الشَّوَاهِدُ الشِّعْرِيَّةُ تُلَوَّنُ وَتُشْكَلُ شَكْلاً تَامًّا). ❙g♣ عـــمَــــلا مُــوفَّـــقـــا ♣e❙ |
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)