الأحد، 13 نوفمبر 2016

إنتاج كتابيّ: (فقرة تحليليّة)، محور 1: (الشّعر الجاهليّ)، 2016-2017

 أســــتاذة العربـيّة فوزيّة الشّـــطّي إنتاج فقرة تحليليّة محور 1: الشّعر الجاهليّ    

  2 آداب  معهد 'قرطاج حــنّـبعل' 2016-2017  

d الدّرس 3: في الإنتاج الكتابيّ c

المنطلق: «إِنَّ الـمَوْصُوفَاتِ فِي الشِّعْرِ الـجَاهِلِيِّ نَـمُوذَجِيَّةٌ كَامِلَةُ الخِصَالِ. بَيِّنْ ذَلِكَ».

التّطبيق :

1- الأفكارُ الرّئيسةُ:

1-  الحبيبةُ: (طرفةُ بن العبد).

2-  الرّاحلةُ: (الفرس أو النّاقة): (طرفة + عنترة بن شدّاد).

3-  الذّاتُ الفرديّة: (الشّاعر): (طرفة + عنترة + حاتم الطائيّ).

4-  الذّاتُ الجماعيّة: (القوم أو القبيلة): (عمْرٌو بن كلثوم).

2- إنتاجُ الفقرة:

-             المقدّمة:

لقدْ جاءتِ الموصوفاتُ في الشّعرِ الجاهليّ نموذجيّةً كاملةَ الصّفات لا عيْبَ فيها ولا نقيصَةَ. حتّى كأنّها تجسيدٌ للكمالِ الـخِلْقيّ والـخُلُقيّ. فكيفَ تجلّى ذلك في نصوصِ 'طَرفةَ بنِ العبْد' و'عنترةَ بنِ شدّاد' و'حاتمٍ الطّائيّ' و'عَمْرٍو بنِ كلثوم'؟

-             الجوهر:

وَجدْنا «خولةَ»، حبيبةَ 'طَرفة'، امرأةً كاملةَ المحاسنِ. فهي فائقةُ الجمال، رفيعةُ المقام، تجتمِعُ فيها الصّفاتُ النّموذجيّةُ للحُسْن العربيّ الصّحراويّ. تغزّل العاشقُ بوجهِها المشرِق الفتيّ الّذي استغنَى بالجمالِ الطّبيعيّ عن أيِّ زينةٍ صناعيّة. فأنشد:

«وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَلْقَتْ رِدَاءَهَا ... عَلَيْهِ، نَقِيِّ اللَّوْنِ لَـمْ يَتَخَدَّدِ».

أمّا الرّاحلةُ الجاهليّة فكانتْ هي الأخرى مِثاليّةً تكوينا وكفاءةً. فقد وَصفَ 'طرفةُ' ناقةً «عَوْجَاءَ مِرْقَالاً» قويّةً كالجملِ، صُلبةً «كَقَنْطَرَةِ الرُّومِيِّ». كانتْ كذلك لأنّها سفينةُ الصّحراء الّتي يَقطعُ الشّاعرُ المغامر الفلواتِ الموحشةَ الكثيرةَ الأخطار بها ومعها. وظهرتِ الفرسُ في شعرِ المحاربِ الفذِّ 'عنترةَ' مُثابِرةً صابِرةً، تَتلقَّى الطّعنات دون أنْ تخذِلَ صاحبَها أو تَـخِرَّ مَغْشِيًّا عليها في ساحةِ الوغَى. حتّى إنّ الشّاعرَ الفارسَ قد أَنْسَنَ فرسَه. فجعلَها، وهي ترافقُه في غمرةِ القتال، تكادُ تنطقُ تأوُّها مِن الوجَعِ الـمُضْنِي الـمُعذِّب. فقال فيها أفضلَ بيتٍ جاهليّ قِيل في وصفِ الفرس:

«لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا الـمُحَاوَرَةُ، اشْتَكَى ... أَوْ كَانَ لَوْ عَلِمَ الكَلاَمَ، مُكَلِّمِي».

وكانت الذّاتُ الفرديّةُ مثلاً للقُوّةِ والفُروسيّة والعفّةِ والسّخاء الّذي لا يقِفُ عند حدٍّ. إذْ فَخَرَ الشّاعرُ الجاهليّ بنفسِه. فبدا 'طرفةُ' شُجاعا صُلبا مغامِرا مُتحدِّيا القوانينَ القَبَليّة. أمّا 'عنترةُ' فهو الفارسُ الـمِغْوار والمقاتل الّذي يخْشاه الأعادِي ويحتمِي به الأبطالُ. وأمّا 'حاتمٌ' فهو رمزُ السّخاء والعطاءِ. حتّى إنّه شَخَّصَ قِدْرَه الّتي لا تُعانِي الفراغَ. بل تُطعِم المحتاجِين الجِياعَ زمنَ الخِصْب وزمنَ الجدْب معا. شاهدُنا على ذلك قولُه: «وَمَا تَشْتَكِي قِدْرِي إِذَا النَّاسُ أَمْـحَلُوا». ضِفْ إلى ذلك أنّه صَوّرَ نفسَه عفيفا يَحفظُ أعراضَ النّساء في غيْبةِ رجالهنّ دونَ أنْ يُقصِّرَ في أداءِ واجبِ الجِيرة تجاهَهنّ.

ولا يمكنُ أن ننسَى صورةَ الذّاتِ الجماعيّة الّتي تحظى بمكانة رفيعة في المجتمعِ الجاهليّ القبليّ. فبدتْ نموذجًا للسُّؤْدَدِ والـمِنْعَةِ وعزّةِ النّفس ومتانةِ التّرابط بين الأفراد كما لو أنّهم رجلٌ واحد. وهذه المعانِي قد تجلّتْ عند 'ابنِ كلثوم' وهو يُفاخرُ بقبيلتِه الّتي قتّلتِ الملوكَ وأفزعتِ الأعداءَ واحتلّت الصّدارةَ بين سائرِ القبائل هيبةً وحُظوةً. دليلُنا على ذلك بيتُه الفخريّ الشّهير :

«إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِـيٌّ ... تَـخِرُّ لَهُ الـجَبَابِرُ سَاجِدِينَا».

-             الخاتمة:

هكذا ألْفيْنا القصائدَ الفخريّة الجاهليّة تعجُّ بالموصفاتِ النّموذجيّةِ التّامّةِ الخصال، أفرادا كانتْ أو جماعات، بشرا كانت أو حيوانا. هذا لأنّ شاعرَ ذاك العصر مزجَ بين الحقيقةِ والخيال مزْجا متآلفا تكادُ تنتفي فيه الحدودُ بينهما. فكيفَ أتتِ الموصوفاتُ الأخرى في المدْحيّاتِ والرّثائيّات والهجائيّات مِن تلك المدوّنةِ الشّعريّة الجاهليّة الغزيرةِ الفريدة؟

.........................

-         رقنُ التّلميذتيْن النّجيبتيْن:

أميرة التّليلي وفاطمة الذّوّادي: (2 آداب 2معهد قرطاج حنّبعل، 2016-2017.

-       مراجعةُ أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي.

عَـــملاً مُـوفَّـــــــــــــقًا



ليست هناك تعليقات: