إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 23 مايو 2025

الفرض التّأليفيّ 3: (التّحليل الأدبيّ)، محور 5: (الرّواية)، نصّ: (نجيب محفوظ)، 2024-2025



 أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي    الفرض التّأليفيّ 3: التّحليل الأدبيّ  

 نصّ: نجيب محفوظ معهد المنتزه    2 آداب    2025.5.22  

وَاسْتَيْقَظَ غَدَاةَ السَّبْتِ مُتْعَبًا بَعْدَ لَيْلَةٍ مُسْهِدَةٍ. فَهْوَ يُؤَدِّي ثَـمَنَ اليَقَظَةِ الَّتِي فَرِحَ بِـهَا قَلْبُهُ، وَإِنْ كَانَتْ يَقَظَةً قَصِيرَةً. وَأَيًّا مَا كَانَ، فَمَا دَامَ النِّسْيَانُ يَكْمُنُ وَرَاءَ الأَحْزَانِ فَالعَزَاءُ مَرْجُوٌّ. أَيْنَ اليَهُودِيَّةُ الـحَسْنَاءُ وَحُبُّهَا الـمِثَالِـيُّ؟! فَالزَّمَانُ يَسْحَبُ ذُيُولَ النِّسْيَانِ عَلَى الـمَاضِي وَيَبْتَلِعُ الذِّكْرَيَاتِ. وَلَكِنْ لاَ رَيْبَ أَنَّهُ مِـمَّا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ أَلاَّ يَعْبَأَ شَيْئًا أَوْ أَنْ يَتَظَاهَرَ بِذَلِكَ عَلَى الأَقَلِّ وَأَنْ يُرِيَهَا أَنَّهُ لَـمْ يَكَدْ يَشْعُرُ بِأَنَّ فَتَاةً هَجَرَتْهُ. وَمَضَى إِلَى الـحَمَّامِ. فَوَجَدَ بَابَ حُجْرَةِ شَقِيقِهِ مُوَارَبًا. وَلَـمَحَهُ يَسْتَكْمِلُ ارْتِدَاءَ مَلاَبِسِهِ. وَقَدْ عَجِبَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّابَّ يَسْتَيْقِظُ عَادَةً مُتَأَخِّرًا عَنْهُ. بَلْ رَآهُ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى النَّافِذَةِ الأُخْرَى. فَتَقَبَّضَ قَلْبُهُ، كَأَنَّـمَا أَصَابَتْهُ شَكَّةُ إِبْرَةٍ. وَأَسْلَمَ رَأْسَهُ لِلْـمَاءِ البَارِدِ طَوِيلاً لِيُنْعِشَ أَعْصَابَهُ الـمُحَطَّمَةَ. [...]. وَكَانَ وَطَّنَ النَّفْسَ عَلَى لِقَاءِ الشَّابِّ بِـمَا يَعْهَدُهُ مِنَ الأُنْسِ بِهِ مُسْتَعِينًا بِـمَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ مُدَارَاةِ مَا يَعْتَلِجُ بِنَفْسِهِ. وَأَقْبَلَ رُشْدِي مُرْتَدِيًا البِذْلَةَ وَالطَّرْبُوشَ. وَابْتَسَمَ لَهُ ابْتِسَامَتَهُ الـمَحْبُوبَةَ. [...]. وَقَالَ: «سَأَتَنَاوَلُ فَطُورِي فِي الـخَارِجِ لِأَنَّ لَدَيَّ أَعْمَالاً مُسْتَعْجَلَةً». [...]. وَلَـمْ يُصَدِّقْ أَحْـمَدُ أُسْطُورَةَ "بَعْضِ الأَعْمَالِ". فَارْتَابَ فِيهَا لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ. وَبَدَا لَهُ كَاليَقِينِ أَنَّ رُشْدِي بَكَّرَ فِي الاسْتِيقَاظِ عَلَى غَيْرِ عَادَته وَالـخُرُوجِ مِنَ البَيْتِ لِيَلْتَقِيَ بِنَوَالٍ بِـمَكَانٍ مَا مِنْ طَرِيقِ الـمَدْرَسَةِ. هَذَا مَا حَدَسَهُ قَلْبُهُ الـمَحْزُونُ. فَهَلِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ حَقًّا؟! وَذَكَرَ مُـمْتَعِضًا كَيْفَ لَبِثَ مُرْتَبِكًا جَامِدًا مُدَّةَ عَلاَقَتِهِ بِـهَا لاَ يَدْرِي مَاذَا يَفْعَلُ. أَمَّا هَذَا الشَّابُّ الـجَسُورُ فَلَيْسَ فِي مَذْهَبِهِ بَيْنَ التَّحِيَّةِ وَاللِّقَاءِ سِوَى غَمْضَةِ عَيْنٍ. وَأُعْجِبَ بِـجَسَارَتِهِ حَقًّا كَمَا أُعْجِبَ بِهِ يَـخْطُرُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ بِشَبَابِهِ الرَّيَّانِ وَقَدِّهِ الـمَمْشُوقِ مُنْذُ دَقِيقَتَيْنِ. إِلاَّ أَنَّهُ إِعْجَابٌ اِنْطَوَى عَلَى احْتِقَارِ النَّفْسِ وَالتَّمَرُّدِ. فَلَـمْ يَـخْلُ مِنْ حَنَقٍ وَغَضَبٍ. فَكَانَ كَمَنْ يُسبِّحُ بِـخُلُودِ الـخَالِقِ وَهْوَ يَرْثِي فَنَاءَ الـمَخْلُوقِ. وَبَعْدَ قَلِيلٍ لَبِسَ طَرْبُوشَهُ، وَغَادَرَ الشُّقَّةَ. [...] وَقَالَ لِنَفْسِهِ بِصَوْتٍ كَالـهَمْسِ لِيُوحِيَ إِلَيْهَا بِالـحِكْمَةِ: «دَعْ بَوَاعِثَ هَذَا الـحُزْنِ العَمِيقِ. لاَ تَسْتَحْضِرْهَا إِلَى وَعْيِكَ. [...]. وَإِذَا كَانَتِ القِرَاءَةُ لَـمْ تُرْشِدْكَ إِلَى الـحِكْمَةِ بَعْدُ، فَـخُذْهَا مِنْ شَخْصٍ سَعِيدٍ كَالـمُعَلِّمِ نُونُو». [...]. فَتَأَوَّهَ مِنَ الأَعْمَاقِ: لِـمَاذَا يُـحَمِّلُ نَفْسَهُ مَا لاَ طَاقَةَ لَـهَا بِهِ مِنَ الكَآبَةِ كَأَنَّهُ الثَّوْرُ الَّذِي يَقُولُونَ إِنَّهُ يَـحْمِلُ الكُرَةَ عَلَى قَرْنِهِ؟! كَيْفَ جَهِلَ فَنَّ السَّعَادَةِ هَذَا الـجَهْلَ الـمُزْرِيَ؟! وَلِـمَاذَا لاَ يَقْصِدُ الضَّاحِكِينَ وَيَسْتَرْشِدُ بِـهِمْ إِلَى طَرِيقِ الضَّحِكِ وَالسُّرُورِ؟! يَنْبَغِي أَنْ يَفُوزَ قَلْبُهُ الكَسِيرُ بِـحَظِّهِ مِنَ السَّعَادَةِ لِأَنَّهُ مِنَ العَبَثِ أَنْ تَـمْضِيَ الـحَيَاةُ هَكَذَا فِي كَآبَةٍ وَحُزْنٍ. وَرَدَّدَ هَذِهِ الـخَوَاطِرَ حَتَّى بَلَغَ مَيْدَانَ الـمَلِكَةِ فَرِيدَةَ. [...].

·d نجيب محفوظ، خان الخليلي، دار مصر للطّباعة، ط10، القاهرة، 1979 c·

·d ص: 148-150، (بتصرّف) c·

الشّرح المعجميّ:

الغَدَاةُ: مَا بَيْنَ الفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ. مُسْهِدَةٍ: أَرِقَةٍ لاَ نَوْمَ فِيهَا. يَعْبَأَ: يُعْطِيَ الأَمْرَ قِيمَةً. مُوَارَبًا: مَفْتُوحًا قَلِيلاً. مُدَارَاةِ: إِخْفَاءِ، سَتْرِ. اِرْتَابَ: شَكَّ. مُـمْتَعِضًا: مُغْتَمًّا، مُتَوَجِّعًا، مُغْتَاظًا. الـمُزْرِيَ: الـمُؤْسِفَ، الـمُخْجِلَ. يَقْصِدُ: يَتَّجِهُ إِلَى.

حلّلْ هذا النّصَّ تَحْليلاً أدبيّا مسترسِلا مُستعِينًا بالأسئِلَةِ المُوجِّهَةِ التَّالِية:

- أَحْـمَدُ عَاكِفٌ شَخْصِيَّةٌ مَهْزُومَةٌ وَمَأْزُومَةٌ وَمُتَنَاقِضَةُ الـمَشَاعِرِ وَالـمَوَاقِفِ. بَيِّنْ ذَلِكَ.

- كَيْفَ سَاهَـمَ وَصْفُ شَخْصِيَّةِ الشَّقِيقِ "رُشْدِي" فِي تَوْصِيفِ الشَّخْصِيَّةِ الرَّئِيسَةِ؟

- اِنْـخَرَطَ الكَهْلُ الـحَزِينُ الغَاضِبُ فِي حِوَارٍ بَاطِنِـيٍّ. حَلِّلْ أَسْبَابَ هَذَا الـحِوَارِ وَمَضَامِينَهُ.

- الرَّاوِي عَلِيمٌ بِبَاطِنِ الشَّخْصِيَّةِ. اِتَّـخَذَ أَحْيَانًا مَوْقِفًا مِـمَّا يَسْرُدُ. وَالْتَزَمَ الـحِيَادَ أَحْيَانًا أُخْرَى. ما الأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ؟

d  نقطة [1] على وُضوحِ الخطِّ ونَظافةِ الوَرقة    عَـــمـــــــــــلاً مُـوفَّــــــــــــــقًا  c


ليست هناك تعليقات: